نداء أطباء لبنان جريمة ثانية ضد الانسانية تُرتكب بحق اللبنانيين بعد تفجير بيروت

بيانات صحفية

القمصان البيض

 

بعد مرور عشرة أشهر على تفجير بيروت، نقف اليوم أمام هَول جريمة ثانية ضد الانسانية تُرتكب في لبنان من قبل السلطات والموجودين في سُدَّة المسؤولية .

مرة أخرى، تبيّن فشل الدولة اللبنانية في حماية مصالح وحياة وكرامة اللبنانيين نتيجة الإهمال  الفادح والمقصود وانعدام المسؤولية لدى المعنيِّين وتخاذل الدولة الحامية لشعبها. اليوم وبعد أن تبوأت جماعة المحاصصة والمحسوبيات أهم المناصب والوزارات للاهتمام بمصالح فئوية وحزبية وطائفية مما أدَّى إلى تدمير مقوِّمات الدولة اللبنانية وسبَّب بفشل ذريع في إدارة شؤون المواطن ما أوقعنا في مهوار الفراغ الذي لا تستطيع أن تملأه إلا المؤسسات الدولية.

نحن في القمصان البيض قد ألقينا الضوء على هذه الأزمة منذ أشهر عديدة وفي أكثر من مناسبة وطالبنا بخطة علمية شفافة مبنية على معلومات صحيحة يمكننا من خلالها التخطيط للمستقبل وبناء الثقة التي باتت مفقودة تمامًا بين الدولة والمريض. كما إننا نهدُف إلى العمل على إستعادة مكانة القطاع الطبي اللبناني الذي كان منارة الشرق حيث بلغ المرتبة ٢٣ في العالم من حيث الرعاية الصحية الأولية في العام ٢٠١٨.

وكنّا أيضًا قد طالبنا بنشر المعلومات حول كيفية تمّ صرف الدعم للدواء وما الذي حدث بالأدوية المدعومة خلال عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠، وهذا أمر من السّهل متابعته تقنيًّا لكشف مزاريب التهريب والتخزين من المصدر الأول للدواء إلى الشركة المستوردة إلى المخازن إلى الصيدليات وصولًا إلى المواطن.

إذن الهدر والتهريب والتخزين في قسم الدواء والمستلزمات الطبية هي الأشياء الحتمية التي كان يجب إيقافها منذ سنة بشكل حاسم، إذ كان على الدولة أن تأخذ مسؤوليتها على محمَل الجد لوضع حد لهذه الأمور ومحاسبة المرتكبين بدون التلفت إلى المحسوبيات. وتأتي اليوم هذه المشهدية الكارثية مصحوبةً بكل القرارات العشوائية لوزارة المال والصحة والبنك المركزي بشكل شيء غير معقول وغير مقبول، حيث يجب على المتخصصين وضع الخطط الصحية، في حين يقع على عاتق مصرف لبنان وضع الحلول المالية.

ولكن حتى اليوم لم يُصار إلى إقرار خطة واضحة لكشف مكامن التهريب ولم توضع خطة واحدة لترشيد الدعم.

لذا،

رأينا اقتراح الحلول الطارئة التالية:

١- علينا اليوم وضع لائحة مع الخبراء بـ ٣٥٠ دواء أساسي والتي من المفروض أن تبقى متوافرة في لبنان لأنها تغطي الأمراض المزمنة (الضغط، والسكري، والقلب والأعصاب...).. وعدم وجود هذه الأدوية يضع صحة اللبنانيين تحت الخطر الداهم.

٢- ينبغي فورًا دعم الصناعة اللبنانية لأنه بإمكانها تلبية حاجة السوق اللبناني، أما الأدوية غير الموجودة في الصناعة الوطنية فيمكننا استيراد دواء الجينريك من دولة مرجعية بالنوعية الافضل وبالسعر الأنسب، والابقاء على بقية الأصناف في السوق اللبناني بدون دعم من مصرف لبنان.

٣- المراقبة الدائمة لطريقة توزيع الدواء، والاعتماد على الوصفة الطبية الموحّدة، لأن هدفنا الأساسي هو دعم المريض اللبناني وليس دعم المنتج الدوائي الذي يتم تهريبه إلى الخارج.

٤-يقتضي ايقاف دعم المستلزمات الطبية كاملةً وبعشوائية لإرضاء بعض الشركات المستوردة. وعليه يجب أن يتم اختيار كل مسلتزم طبي يتمتّع بالمواصفات الطبية اللازمة وبناءً على السعر الوسطي المقبول، وعلى أساس هذا التصنيف يتمّ دعم المستلزم الطبي.

٥- وضع خطة متناسقة مع كل صناديق الدولة الضامنة بما فيها: الصندوق الوطني للضمان، قوى الأمن الداخلي، الجيش، وتعاونية موظفي الدولة واية صناديق تعاونية اخرى، ووضع خطة استشفائية واضحة لترشيد الاستشفاء وتحديده بدون هدر في إدخال المرضى عشوائيًا إلى المستشفيات وعدم إلقاء المسؤولية على الجسم الطبي كتهديد ورمي التّهم جزافاُ على الأطباء المراقبين والمعالجين في المستشفيات.

لسوء الحظ، إن هذه الأمور التي طالبنا فيها منذ أشهر باتت خلفنا، وبات المواطن اللبناني بالفعل يموت على باب المستشفيات بدون أية مبالغة.

وبالتالي،

هكذا انعدمت كلّ الثقة عند الهيئات العالمية بوزارة الصحة وبالحكومة اللبنانية.

لذلك،

نطالب اليوم منظمة الصحة العالمية بإعلان فشل الدولة اللبنانية في إدارة الأزمة الطبية المصيرية في لبنان، والتنسيق مع المستشفيات الجامعية الخاصة والحكومية تحت سقف الأمم المتحدة، والجيش اللبناني -الذي استطاع خلق تغطية وخطة صحية رصينة لكل القوى العسكرية-، بالإضافة إلى الصليب الأحمر اللبناني وذلك مباشرةً لوضع الخطوط الطارئة والمساعدات الأساسية لانقاذ حياة المريض اللبناني داخل المستشفيات وخارجها وتأمين الدواء والمستلزمات الطبية بأسرع وقت، وفتح باب الإمدادات من الشركات العالمية إلى لبنان من خلال الاستخدام الرَّحيم والتقديم المجاني للأدوية إلى المرضى في لبنان أو بأسعار مدعومة.

وعليه،

يُبدي اليوم أطباء لبنان كامل استعدادهم لبذل قصارى جهودهم والعمل ليلاً ونهار لتأمين هذه التغطية إلمامًا منهم بأحقية هذه المهمَّة الإنسانية التي تقع على عاتقهم.

نؤكد اليوم أن الخبرات في القطاع الصحي لا تزال موجودة إنما تحتاج إلى خطة واعية وصحيحة تراعي هواجس العاملين في القطاع الصحي وتفكيرهم وتنسّق معهم لمساعدة اللبنانيين في اجتياز هذه الكارثة الصحية.

 

مجلس القمصان البيض

١٠-حزيران-٢٠٢١