الخلوة السنوية الثانية

وثائق سيدة الجبل
16 حزيران 2002

لقاء سيدة الجبل - فتقا

الخلوة السنوية الثانية

16 حزيران 2002

 

من أجل إنماء متوازن

ورقة عمل أوّلية

 

ثلاثة عشر عاما" بعد إقرار وثيقة الطائف وتوقف الحرب، ثلاث سنوات بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب، وبعد أن قام القيّمون على بناء السلطة بصرف ما يوازي 50 مليار دولار ( 30 مليار ديون، 18 مليار جبايات مباشرة من الناس، و4 مليارات قروض طويلة الأمد)، لا تزال مناطق المتن، كسروان، الفتوح، وجبيل تعاني من أبسط مقومات الإنماء وتتعامل معها السلطة وكأنها ملحقة بالجمهورية وليست جزأ" منها. وما أنجز حتى اليوم من إنماء محصور في بعض الأقضية كان نتيجة مقايضة انتخابية بين مركز نفوذ في السلطة وقواعد انتخابية.

 

فمنذ وصول الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة في ت2- 1992  وإطلاق ورشة الاعمار في لبنان، ورغم وجود وزراء في الحكومات المتعاقبة من المناطق المذكورة، لم تشهد هذه المناطق نهضة إنمائية تذكر على جميع الأصعدة، لا سيّما على مستوى التعيينات الإدارية والمواصلات وإنشاء مستشفيات حكومية وفروع للجامعة اللبنانية والبنى التحتية وربط ألا قضية بعضها البعض وغيرها من المشاريع العامة، حتى بات المواطن في هذه المناطق يعيش حالة من الطلاق مع السلطة السياسية نتيجة الإهمال الإنمائي المضاف على التهميش السياسي واستفزاز شعور الناس في عيشهم السلمي، لأنه وإذا تراجع معيار الإنماء في هذه المناطق تراجعت أيضا" معايير أخرى لحقوق الإنسان ، إذ شهدت هذه المناطق خلال أعوام طويلة انتهاكات لحرمة المنازل وتوقيفات مما أدّى إلى شعور بالإذلال، ورغم كل هذه الممارسات استمر أهالي وسكان هذه المناطق وهي ملتزمة جميع واجباتها الضريبية تجاه الدولة بالتمسك بمفهوم العيش المشترك وبناء الدولة العادلة والنضال من أجل تحقيق دولة الحق والسيادة والاستقلال، فان العيش المشترك لا يتدعم إلا من خلال إنماء متوازن كرسّته وثيقة الوفاق الوطني.

 فإذا عم الإنماء منطقة كسروان في الستينات وحرمت مناطق أخرى منه، وإذا انعكست الصورة في التسعينات فنحن نعترض على إنماء الستينات المنفرد كما نعترض على إنماء التسعينات المنفرد أيضا" سيما أن البلاد والعباد دفعوا أثمانا" غالية من أرواحهم حتى وصلت تضحياتهم إلى حدود 120 ألف قتيل دون أية تفرقة بين دماء شهيد وشهيد. فدماء الأحزاب في الجنوب وبيروت والجبل والبقاع والشمال كما كل ضحايا لبنان تستحق بالتساوي إنماء" متوازيا". فلا تفرقة بين شهيد وشهيد.

ولقد عمدت السلطة أن تتوجه إلى أهالي وسكان هذه المناطق من خلال مقايضة غبية ترتكز على إعطاء جزء من الإنماء مقابل الولاء لها. فنحن نقول إن الإنماء حق من حقوقنا الدستورية ولن تنجح هذه السلطة من خلال التهويل والترغيب في كسب الولاءات المتعددة مهما فعلت وبذلت من جهود من خلال مؤسساتها واجهزتها المدنية والأمنية.

فبعد أن حرمت هذه المناطق من حقها في التعبير الديمقراطي من خلال إبطال نتائج الانتخابات الفرعية في المتن، وبعد أن وضعت اليد على الحركة السياسية والنقابية والحزبية وحتى الطلابية بالإضافة إلى انتهاكها حرية الإعلام من خلال إقفال الMTV وترهيب الوسائل الإعلامية الأخرى، لذلك إن هدف هذا المؤتمر هو إعلان رغبة الناس في هذه المناطق رفض عملية تدجين  السلطة للناس من خلال مواجهة شعبية ديمقراطية تلتزم احترام القوانين والمؤسسات، واستمرار النضال من أجل التمسك بأبسط قيم الحياة المرتكزة على حرية التعبير وحق الناس في العيش بكرامة، مواطنين صالحين كسائر المواطنين اللبنانيين ومواجهة محاولات ألاذلال من أجل الإنماء.