الإرهاب الأسود يغتال شطح ومرافقه و4 مدنيين ويحصد 75 جريحاً

مقالات
28 كانون الأول 2013

ضربت أمس يد الغدر والإرهاب الأسود وسط بيروت من جديد، واختارت قلب العاصمة مسرحاً لجريمة جديدة مستهدفة مستشار الرئيس سعد الحريري، وزير المال السابق محمد شطح الذي التحق مع مرافقه طارق بدر وأربعة مدنيين آخرين بقافلة شهداء ثورة الأرز، وإصابة أكثر من 70 شخصاً بجروح مختلفة، بتفجير سيارة مفخخة بحوالى 60 كيلوغراماً من المواد الشديدة الانفجار، فُجّرت عن بُعد لدى مرور موكب الشهيد شطح، محولة إياه الى كتلة من نار مشتعلة، زارعة الدمار والخراب في موقع التفجير وعلى مسافة شعاعية تصل الى مئات الأمتار، لتزرع الخوف والرعب في نفوس اللبنانيين جميعاً، المتوجسين من عودة مسلسل الاغتيالات الذي كان دخل في هدنة مؤقتة دامت 14 شهراً، بعد اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن في الأشرفية في التاسع من تشرين الأول 2012.
فعند الساعة العاشرة إلا ربعاً من صباح أمس، دوى انفجار هائل قبالة مصرف عودة في مبنى ستاركو، سمعت أصداؤه في كافة أرجاء العاصمة، وفي منطقة تعتبر أمنية بامتياز، سرعان ما تبيّن أنه استهدف موكب الوزير شطح، الذي كان متوجهاً الى بيت الوسط، للانضمام الى اجتماع قوى 14 آذار، ليقضي شهيداً ومعه مرافقه طارق بدر، كما استشهد 4 مواطنين وجرح 75 مواطناً توزعوا على مستشفيات بيروت كافة. وقد ارتفعت سحب الدخان فوق العاصمة، فيما هرعت القوى الأمنية الى المكان وسيارات الدفاع المدني التي عملت على إخماد الحرائق المندلعة في السيارات، فيما نقل الصليب الأحمر المصابين الى المستشفيات، ومنها جثة شطح التي نُقلت الى مستشفى رفيق الحريري الحكومي. كما تضررت واجهات أكثر من 10 مبانٍ منها سكنية وأخرى تضم مكاتب، نتيجة عصف الانفجار. وبدا أن المبنى الأكثر تضرراً هو مبنى ستاركو حيث مكاتب الهيئة العليا للإغاثة. عدا عن المحال التجارية وأكثر من 40 سيارة كانت مركونة في الشارع.
وأفاد خبراء المتفجرات ورجال الأدلة الجنائية الذين عاينوا المكان وبدأوا عملهم في مسرح الجريمة، أن الانفجار ناجم عن سيارة ركنت الى جانب الطريق، مفخخة بعبوة تقدر زنتها ما بين 50 الى 60 كلغ من المتفجرات، وهي من نوع "هونداCRV " مسروقة منذ العام 2012 وتملكها في الأساس المواطنة م.ش. من السعديات، وقد تم التعرف الى الشهيد شطح من دفتر سيارته الذي وجد في مكان الانفجار، وقد احترق نصفه. ويحمل الدفتر رقم السيارة 364/ج وهي نوع نيسان "اكستريل" موديل 2011، واسمه الكامل: محمد بهاء محمد إحسان شطح. وذكرت معلومات أمنية أن "السيارة المفخخة تم ركنها قبل نحو ساعة من التفجير في موقع سيارة أخرى، كانت تحجز لها المكان".
ولاحقاً، ضربت القوى الأمنية طوقاً أمنياً حول مكان الانفجار، ومنعت أياً كان من الاقتراب، في وقت عمل عناصر الأدلة الجنائية على مسح الموقع ورفع الأدلة. واستبعدت فرضية التفجير الانتحاري لعدم وجود أشلاء في ساحة التفجير. وذكرت المعلومات أن القوى الأمنية اشتبهت بأحد الأشخاص في مكان الانفجار وألقت القبض عليه، لكن مصادر أخرى نفت هذه المعلومات.
وتفقد موقع الانفجار وزير الداخلية مروان شربل الذي أدلى بتصريح قال فيه: "دائماً هناك استنكار وكلمة الله يرحمه، وإن شاء الله في أسرع وقت ممكن يخرج الجرحى من المستشفيات، "هيك رح نقضيها" ولا أعرف متى سننتهي من هذه المشاهد". ورداً على سؤال أجاب: "لا أريد أن أتكلم في السياسة المفروض أن نجلس ونتحاور مع بعضنا وهذا الحل السياسي الوحيد". كما عاين النائب العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر مكان الانفجار. وسطر القاضي صقر استنابات قضائية، الى كل من مديرية المخابرات في الجيش اللبناني والشرطة العسكرية وفرع المعلومات والأدلة الجنائية، كلفها بموجبها إجراء التحقيقات الأولية وجمع الأدلة وإجراء التحريات توصلاً الى كشف ملابسات الجريمة ومعرفة الفاعلين والمحرضين والمتدخلين والمشتركين وإلقاء القبض عليهم وسوقهم الى دائرته.
بدورها، تفقدت سفيرة الاتحاد الأوروبي انجيلينا ايخهورست موقع التفجير، وقالت بتأثر شديد "محمد كان صديقاً لنا وللاتحاد الأوروبي وللمجتمع الدولي. وكان يعبّر عن الوضع بدقة، وكان صاحب أفكار لحل المشاكل، سنفتقده كلنا. هو صاحب مشروع لرفع لبنان الى مستوى الدولة، ولحياد لبنان. كان يجب أن نلتقي اليوم أو غداً، ولا أدري كيف أعبّر عن حزني وتعازي لعائلته وللبنان، ونحن آسفون جداً"، سائلة "متى سيستقر الوضع في لبنان؟"، معتبرة أن "شطح استهدف لأنه كان معتدلاً، وكان يبحث دائماً عن الحوار، واغتياله رسالة ضد الاعتدال ونرفضها. ندعم لبنان لايجاد السلام والتفاهم في هذه الفترة".
وأوعز وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، الى مستشفيات العاصمة كافة بوجوب استقبال جميع المصابين في تفجير ستاركو وتقديم أعلى درجات العناية لهم. في حين أكد مدير العمليات في الصليب الأحمر جورج كتانة أن عناصر الصليب الأحمر انتشلت 6 شهداء و15 جريحاً جراء الانفجار في وسط بيروت.
أما في المستشفيات، فقد وصلت جثة وحيدة الى مستشفى رفيق الحريري هي جثة شطح، حيث عاينها وفد من الشرطة العسكرية التابعة للأدلة الجنائية، قبل أن تنقل الى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. واليها، حضرت عائلة الشهيد شطح وغادرت بعد ان تعرفت الى جثته. وأفيد عن وجود ثلاثة شهداء لم يتم التعرف اليهم بعد، و33 جريحاً في مستشفى الجامعة الأميركية. ومن بين الجرحى: عبد الله صفوان (إصابته طفيفة) وتلقى العلاج وغادر المستشفى، وكل من: نادين يحيى، حسن خزعل، هيفاء أبو حيدر (إصابة طفيفة). وغص المستشفى بأهالي الضحايا والمصابين. فيما أعلنت إدارة مستشفى كليمنصو أن "جثة طارق بدر مرافق الوزير شطح موجودة لديها مع 11 مصاباً بجروح طفيفة. وقد توزع مصابو التفجير الباقون على مستشفيات الوردية والقديس جاورجيوس وأوتيل ديو.
بدورها دعت الهيئة العليا للكوارث أعضاء الهيئة الى اجتماع فوري وطارئ في السرايا الحكومية، بناء على توجيهات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.